الأربعاء، 9 فبراير 2011

الشماتة

 الشماتة
قال الله -عز وجل- حاكياً عن موسى عليه السلام : { َلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }الأعراف150]  .
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشماتة وبين بأنها دين مؤدى لا محالة ، عن واثلة بن الأسقع -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تظهر الشماتة لأخيك فيعافيه الله ويبتليك))  
معنى الشماتة: فرحُ العدوِّ ببليَّة تَنْزِلُ بِمَنْ يعاديه.
وقال المناوي في التعاريف: "الشماتة: الفرح بمصيبة العدو".
قد يصاب أي إنسان ويبتلي في بمرض في جسده أو بفقد بعض من أهله أو بضياع ماله ، فيتألم هذا المبتلى لما أصابه ، وقد تسود الدنيا في عينيه ويجزع إلى غير ذلك ، والمؤمن يعلم بأن الإنسان في هذه الدنيا سيبتلى لا محالة ، كما يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، ويؤمن بما جاء في كتاب الله تعالى : {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }الحديد22] .
 أي ما أصابكم- أيها الناس- من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم من الأمراض والجوع والأسقام إلا هو مكتوب في اللوح المحفوظ من قبل أن تُخْلَق الخليقة. إن ذلك على الله تعالى يسير. فإذا علم بهذا رضي بقضاء الله تعالى وقدره وسلم ، ويفوض الأمر إلى ربه ، وقال : قدر الله وما شاء فعل .
والحقيقة التي أصبح مسلم بها وهي ما من إنسان إلا له أعداء وأصدقاء ، فالصديق يألم لمصابك ويشفق على حالك ، ويسعى للتخفيف عنك والعدو يفرح لما أصابك ، ويشمت فيك ، وهذا ابتلاء آخر يضاف إلى ما أصابك ، فتوكل على الله ووطن نفسك على الصبر وقل :
*حسبي الله ونعم الوكيل .
وكن على يقين بأن الشماتة دين إذا شمت بك إنسان ، فإنه ستدور عليه الدائرة ويبتلى ويشمت به أعداؤه ،  قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم -: ((لا تظهر الشماتة لأخيك فيعافيه الله ويبتليك))  .
 
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله من شماتة الأعداء . روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة  رضي اللهُ عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء)) قال سفيان الحديث ثلاث زدت أنا واحدة، لا أدري أيتهن هي.
والشماتة من البلاء وهو أشده على النفس ، قيل لأيوب عليه السلام : أي شيء من بلائك كان أشد عليك? قال: شماتة الأعداء.
 
قال عدي بن زيد العبادي :
أيها الشامتُ المعَيَّرُ بـالـدهُـ *** ـرِ أأنتَ المبَرََّأ الـمـوفـورُ
أم لديكَ العهدَ الوثيق من الأيَّـــــامِ بل أنت جاهـلٌ مـغـرورُ
من رأيتَ المنونَ خلَّدْنَ أمْ مَنْ *** ذا عليه من ألاَّ يُضام خفـيرُ
 
وقال أبو ذؤيب
 
وتجلُّدِي للشـامـتـين أريهـم *** أني لِريبِ الدَّهر لا أتضعضَعُ"
قال عبد الله بن أبي عيينة :
كلُّ المصائب قد تَمُرُّ على الفتى *** فتهونُ غير شماتةِ الـحُسَّادِ

ومما ينسب  للمبارك الطبري  :

لولا شماتة أعداءٍ ذوي حـسـدٍ *** أو اغتمام صديقٍ كان يرجوني
لما طلبت من الدنيا مراتبـهـا *** ولا بذلت لها عرضي ولا ديني
وقال آخر
 
فمن يكُ عني سـائلا لـشـمـاتةٍ *** بما نالني أو شامتـاً غيرَ سـائلِ
فقد أبرزتْ مني الخطوب ابن حرةٍ *** صبوراً على ضراء تلك الزلازلِ
إذا سُرَّ لم يفرحْ وليس لـنـكـبةٍ ***إذا نزلت بالخاشع المـتضائِلِ
وقال أعرابي وقد أغير على إبله :
لا -والذي أنا عبدٌ في عبادته-*** لولا شماتةُ أعداءٍ ذوي إحَنٍ
ما سرني أن إبلي في مَبَارِكِهَا *** وأن شيئاً قضاه الله لم يكـنِ
 
فاحذر الشماتة أخي فإنها كما قرأت وعلمت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق